المنظمة العربية المتحدة للبحث العلمى

المصطلح العربي في ظل الرقمنة

بقلم أ.د عبد الكريم الوزان –  أستاذ الإعلام ورئيس الجامعة الأفروأسيوية السابق

يعرف المصطلح العربي بأنه ” لفظ يطلق على مفهوم معين للدلالة عليه عن طريق الاصطلاح (الاتفاق) بين الجماعة اللغوية على تلك الدلالة المرادة والتي تربط بين اللفظ (الدال) والمفهوم (المدلول) لمناسبة بينهما. وأطلق المتخصصون في علم المصطلح تعريفا دقيقا له وهو: (الرمز اللغوي والمفهوم)”. في حين توجد تعاريف كثيرة للرقمنة، إذ عرفها بعض الخبراء بأنها : ” تحويل المواد -سواءً كانت مرئيةً أو مسموعةً أو مقروءةً- إلى صيغ رقميةٍ صالحةٍ للتداول على الأجهزة الرقمية والإنترنت، والتخزين على الوسائطِ الحديثة من أقراص صلبة ومرِنة، وقابلة للنشر على الإنترنت “. ومنهم من قال بإختصار: إنها تحويل الاتصال الكتابي والشفوي إلى رسائل إلكترونية يفهمها الجميع وهكذا.
واعتمد العرب على عمق اللغة العربية عبر حقب زمنية في وضع المصطلحات وعلى الترجمة عبر لغات وعلوم أخرى ، حيث يمثل ايجازا لمضامين ووقائع كثيرة ومتنوعة. وفي ظل التطور التكنولوجي وانفتاح العالم الاتصالي وظهور مفاهيم الرقمنة والذكاء الاصطناعي والميتافيرس وغيرها من العلوم، فقد كان لابد من انعكاس ذلك على المصطلحات العربية من خلال التهجئة ، وتحويل بعض المفردات الى لغة أخرى كالانجليزية دون المغالاة في اضعاف لغتنا ، من أجل سرعة الانسيابية وإختصار فهم المعاني والمقاصد، ولكون اللغة العربية لايمكنها تعريب كل ما يقع الاختيار عليه بسبب تعقيد وصعوبة الاتفاق على مفهوم مشترك. وبلاشك فقد أثرت وسائل الإعلام ومنها وسائل التواصل الإجتماعي على اللغة العربية، من خلال ادخال الرموز والاختصارات، وبخاصة المتفق عليها عالميا. وأثر الذكاء الاصطناعي في تطوير اللغة ومصطلحاتها عبر منصات وأنظمة مختلفة مثل: (جوجل ترانسليت) ،و(سيري وأليكسا) وهذا بدوره ينعكس على تحسين الترجمة. ومن هنا يتطلب الأمر مواكبة التحولات الرقمية ومتابعة التطورات التكنولوجية، مع وضع ضوابط في الحفاظ على اللغة العربية ، وإجراء تحليل وبحوث وتنسيق واستخدام أمثل للوسائل الإعلامية باللغة العربية ومنها الإلكترونية ، مع ضرورة دراسة وفهم الجمهور المتلقي حفاظا على قواعد وإصالة اللغة ولتحسين الحصول على رجع صدى ايجابي . وحتى يتم تنفيذ كل ماذكر لابد من وضع استراتيجيات معمقة ورصينة بين اللغوين العرب يكون متفق عليها، والخروج بها أمام لغات العالم وبالذات الانجليزية، في ظل الرقمنة من أجل ترسيخ قيم ومفاهيم تنعكس على العلوم الأخرى ، وتساعد على الفهم في مجال الاختراعات والاكتشافات العالمية. وبذلك تساهم لغتنا عبر مصطلحاتها في الوصول لفهم علمي وإجتماعي دولي. وبناء على ماتقدم يتحتم ضبط وتوحيد السياسات القائمة في البلدان العربية والاسلامية المتعلقة بالمناهج التعليمية وبخاصة ذات الصلة باللغة العربية. واعتماد استراتيجية لغوية مدروسة تستطيع أن تحقق بوادر صحوة لغوية ولو بشكل محدود ورفع الخبرات التقنية وإستخدام الرقمنة لدعم المصطلح العربي، وإظهاره كما ينبغي. كذلك تفعيل التواصل العلمي العربي على مستوى المؤتمرات والدورات بشكلها العلمي الرصين، وإقامة مراكز بحوث لتطوير اللغة العربية ودعم الباحثين ماديا ومعنويا . ومن الأهمية بمكان التمسك باللغة العربية الفصحى سواء في الحديث أو الكتابة، وتجنب استخدام المفردات العامية أو الدخيلة. ومن جهة الإعلام يتطلب الأمر قيامه بدور كبير، من خلال البرامج المختلفة والخطاب الاعلامي الرصين، مع زيادة كفاءة القائمين بالاتصال والتزامهم بمقومات التربية الإعلامية في ترسيخ اللغة الصحيحة واستخدام المصطلحات بشكلها السليم. أيضا لابد من العودة للتراث والإلتزام بالذوق عند اختيار المصطلحات . أخيرا لا بد من دراسة وفهم الجمهور المتلقي حفاظا على قواعد وإصالة اللغة ومصطلحاتها حتى يتسنى الحصول على رجع صدى ايجابي .

شارك المقالة

شارك الخبر

7 Responses

  1. أحسنتم أ.د. عبد الكريم على طرح هذا الموضوع المهم والحساس وبخاصة لدى الجيل الحديث والاجيال القادمة.
    بارك الله في جهودكم وجعلها في ميزان حسناتكم.

  2. مقال يستحق التناول والنشر بأكثر من موقع للفائدة العلمية للجميع من اهل الاختصاص وغيرهم ٠٠ بارك الله فيك دكتور عبدالكريم الوزان المحترم

  3. جهد ممتاز في الخوض بهذا البحر المتلاطم بالامواج التي تهدد الجرف الصخري للغتنا العربيه التي جاء بها القرآن والحفاظ على شكلها ومضمونها أمام التحديات الرقميه التي دخل في مضمار الكتابة والبحث والنشر من خلال أجهزة الكمبيوتر والانترنت ووسائل أخرى تعتمد الرقميه بدل الكتابة والحرف العربيه واعتماد اللغات الاجنبيه وخاصة الانجليزيه علينا أن نتمشى مع هذا التطور الرقمي على أن لا نفقد ذوق لغتنا الجميله أمام هذا التحول الكبير الرقمي وان نجعل من الأجيال أن تتعمق في فهم اللغه والحرص على تطورها باللفظ العربي الصحيح بعيدا عن النطق بالكلام الحلفي أو العام المتداول في الحياة اليوميه لعموم مجتمعنا. احسنت دكتور عبد الكريم لهذا الاختيار الواعي والحريصة على لغتنا العربيه وتربية الأجيال عليها…تحياتي

  4. تمتاز اللغة العربية بمقومات بلاغية وبيانية قل ان نجدها في اللغات الأخرى. ولما للغة من ضرورة حتمية يتطلب استخدام وسائل ووسائط أكثر كفاءة لفك بعض الرموز وتحويلها إلى مصطلحات تساعد في نماء الفكر الانساني.
    عليه يحتاج الإنسان إلى وسائط إعلامية تسهم في تنمية الذات عبر وسائل اتصالية فاعلة ولتحقيق تلك المتطلبات يجب أن تكون الرسالة الإعلامية واضحة وجلية حتى يستطيع المستقبل فك تلك الرموز للاستفادة منها في حياتنا اليومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *