بقلم د. سماح عبدلله مرعى
المستشار بالمنظمة و أستاذ التكنولوجيا الحيوية وتربية النبات
التنمية الزراعية المستدامة تواجه نوعين من التحديات البيئية Environment stress فى كل انحاء العالم: النوع الأول تحديات حيوية Biotic stress كالأمراض والآفات و -تحديات غير حيوية Abiotic stress منها تحديات للتغيرات المناخية Climatic Change ، وتاتي على راسها مشكلة نقص المياه وأيضا ارتفاع درجات الحرارة وزيادة ملوحة التربة . ومن هنا وجب إيجاد حلول للمعوقات الحيوية وغير الحيوية التي تواجه القطاع الزراعي وايجاد وسائل حديثة وسريعة للحد من هذة المعوقات التى تواجة القطاع الزراعى حيث يمثل امن غذائي قومى من خلال سد الفجوة ا الغذائية، من احدى هذة الوسائل الهامة التى تساعد فى تحقيق هذا الهدف هو استخدام التكنولوجيا الحيوية أو ما يسمى Biotechnology
اولا: تعريف التكنولوجيا الحيوية او ما يسمى Biotechnology : هي فرع من فروع علم الأحياء ويقصد به التعامل مع الكائنات الحية على مستوى الخلية لتحسين خواصها وصفاتها الوراثية لاستفادة منها فى مجالات كثيرة منها الطبية والزراعية و الاقتصادية .
ثانيا : تاريخ علم التكنولوجيا الحيوية: بدأ علم الوراثة على يد الراهب وعالم النبات النمساوي جريجور مندل الذي وضع القوانين الأساسية للوراثة في منتصف القرن 19. أسس مندل قوانينه على دراساته التي تناولت الأنماط الوراثية لبازلاء الحدائق وذلك عن طريق دراسة انتقال الصفات الوراثية من الآباء للأبناء و نسب توزيعها بين افراد الأجيال المختلفة. وقد ظل عمله مجهولاً حتى عام 1900م. ظهر المصطلح العلمى التقنية البيولوجية” “Biotechnologie.باللغة الألمانية عام 1918 كما ان اول خريطة للجينات الموجودة على كروموسومات حشرة الفاكهة الدوروسوفيلا Drosophila), كانت م1922 على يد العالم مورجان . اما بداية تجارب التحوير الوراثى Genetic transformation فى البكتريا. وتعتبر هذه التجارب حجر الأساس للهندسة الوراثية فى صورتها الحديثة كانت عام 1928م . حيث كان عام 1953 م عام مهم تم فيه اكتشف الـ DNA ووضعا أول نموذج على يد كلا من من واطسون وكريك بداية التقنية الحيوية الحديثة Modern Biotechnology. التكنولوجيا الحيويّة الحديث فقد ظهرَ في منتصف إلى أواخرالقرن الماضى ( السبعينيات ) حيث عام 1973 تم عزل أول جين وهو الجين المسئول عن إنتاج الأنسولين. ، عام 1977 تم إنشاء أول شركة للهندسة الوراثية “جينيتيك” فى أمريكا ثم تبعها شركة مونسانتو. إنتاج أول بروتين آدمى بواسطة البكتريا، وهو هرمون المخ “السوماتوستاتين” Somatostatin”. ، ويعد عام 1978 مميز حيث تم إنتاج الأنسولين البشرى من البكتريا و” E. coli”. وهو عبارة عن مضاد حيويّ صنّعَ من خلال بعض أنواع العفن،سُجّل عام 1982م إنشاء أول مصنع لإنتاج الأنسولين الآدمي بواسطة الهندسة الوراثيّة، فى انجلترا نتيجة لذلك حدثت ثورة في عالم صناعة الأدوية البروتينية المعدلة وراثيا.
من التورايخ الهامة فى علم التكنولوجيا الحيوية الحدثيثة التى احدثت طفرة فى تطور هذا العلم هو عام 1983 وفه صمم كارى ميليس جهازاً لمضاعفة المادة الوراثية فى المعمل بتفاعل البوليميرز التسلسلي (PCR). ، 1985عام كانت أول محاولة ناجحة لنقل الجينات إلى نبات. ظهور المصطلح العلمى “البيولوجيا الجزيئية النباتية ) النباتات المحورة او المعدلة وراثيا) وفى نفس العام تم اكتشاف البصمة الجينية DNA fingerprint بواسطة أليك جيفيرس. اما عام 1986 م كان هام جدا حيث تم فيه استخدام البصمة الجينية كدليل جنائى فى المحاكم الأمريكية و ايضا أول عملية لتقييم النباتات والكائنات الدقيقة المعدلة وراثياً خارج المعمل. اما عام 1989 كان بداية علاج الأمراض الوراثية بالجينات Gene therapy.
ثالثا: فروع التكنولوجيا الحيوية: يوجد أربعة أفرع رئيسيّة للتكنولوجيا الحيويّة، هي:-
- التكنولوجيا الحيويّة الطبيّة تستخدم في تحسن صحّة الإنسان، وتعتمد بشكل أساسيّ على استخدام الخلايا الحية لإنتاج أدوات تساهم في الحفاظ على صحّة الإنسان
- التكنولوجيا الحيويّة الزراعيّة تستخدم فى تحسين الزراعة ، وذلك عن طريق إدخال جين معيّن إلى النبات لتحسين خصائصها ومساعدته على مقاومة الظروف البيئية الصعبة
- التكنولوجيا الحيويّة الصناعيّة تُستخدم في التكنولوجيا الحيويّة الصناعيّة الإنزيمات المختلفة، والكائنات الدقيقة، والنباتات، بهدف إنتاج مجموعة جديدة من الموادّ الصناعيّة
- التكنولوجيا الحيويّة البحريّة تدخل التكنولوجيا الحيويّة في عالم البحار
التكنولوجيا الحيوية الزراعية و تطبيقاتها
مجموعة من التقنيات التي تعمل على التعديلات الوراثية والهندسة الوراثية فى مجالات المحاصيل والثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك وتربية الاحياء المائية والصناعات الزراعية من أجل تحسين النباتات أو الحيوانات؛ أو تطوير الكائنات الحية الدقيقة بحيث تصبح مقاومة للأمراض والحشرات والمبيدات الحشرية بشكل أسهل وأقل تكلفة والمساعدة في التكيف مع تغير المناخ والحفاظ علي قاعدة الموارد الطبيعية كالتنوع البيولوجي والأراضي والمياه التي تعد ضرورية لإنتاج الأغذية والزراعة .
يتم ذلك من خلال ثلاث اتجاهات :
- استخدام تقنيات البيولوجيا الجزينية Molecular Biology حيث يعتبر الانتخاب والبحث عن تراكيب وراثية جديدة وجيدة من أهم طرق التربية، لذلك تصعب تلك المهمة على مربي النباتات إذا تضاءلت أمامه وجود مصادر الاختلافات الوراثية. أما إذا توفرت لديه هذه المصادر فتكون مهمته أيضا صعبة إلى حد ما وهي عمل غربلة وانتخاب Screening خاصة إذا كان عدد النباتات والتراكيب الوراثية كبير جدا، حيث توجد العوامل الوراثية (الجينات) المسؤولة عن الصفات موجودة على المادة الوراثية DNA لذا من خلال معرفة التركيب الجزيئي للجين ودراسة نظم التحكم في الصفات الوراثية المختلفة عن طريق معرفة تلك العوامل التي تتحكم في ظهور بعض الصفات من عدمه بالرغم من وجود الجين أو الجينات الخاصة بهذه الصفات وهو ما يعرف باصطلاح (التعبير الجيني Gene Expression ومنها يسهل معرفة الاصناف المتحملة و المقاومة للظروف البيئية فى وقت قصير مما يسرع من برامج التربية للحصول على اصناف جديدة من محاصيل الحبوب الرئيسية متحملة للاجهاد البيئى مثل الجفاف وملوحة التربة ودرجات الحرارة المرتفعة وعالية الانتاج و الجودة . كما تستخدم فى دراسة عدد من الفيروسات المتخصصة فى المقاومة الحيوية للافات كبديل امن وفعال عن استخدام المبيدات الكيميائية.
- استخدام تكنولوجيا زراعة الأنسجة Tissue Culture وهى عبارة عن زراعة أي جزء من النبات (ورقة، جنين، خلية، جذر، ساق، بروتوبلاست وهو خلية بدون جدار خلوي الخ ) وتنميتها على بيئة صناعية تحتوي على كل ما يلزم الخلية من أكسينات وهرمونات وفيتامينات وعناصر غذائية ..الخ حيث يتم استخدام زراعة الأنسجة كوسيلة سريعة للتكاثر Cloning or Propagation كما هو معروف أن التكاثر الخضري بالوسائل التقليدية ليس سريعاً بالدرجة الكافية لمواجهة الطلب المتزايد على النباتات خاصة نباتات الزينة و الخضر ونخيل البلح و الموز ، ونتيجة لذلك فإن أسعار تلك النباتات في زيادة مستمرة في معظم بلدان العالم، مما دفع الكثير إلى استخدام تقنية زراعة الأنسجة لتوفير تلك الأعداد من النباتات بسعر مناسب في حيز محدود بالاضافة للحصول على سلالات خالية من الأمراض Disease-free Genotype
- استخدام تقنية الهندسة الوراثية Genetic Engineering منذ مئات السنين وحتى وقتنا هذا يتم تحسين أصناف النباتات والحصول على الصفات المرغوبة فيها باستخدام برامج التربية والانتخاب، والتي قد تصل مدة تنفيذها من 10-12 سنة واحيانا عمل التهجينات الواسعة المدى وبين أفراد متباعدة ومتباينة وراثيا مثل الأنواع والأجناس المختلفة حيث يصعب أو يستحيل في بعض الأحيان القيام بمثل هذه التهجينات بسبب موانع وراثية كثيرة داخل خلايا هذه السلالات ، وهذا يتطلب مجهوداً وتكاليف مادية كبيرة، وكذلك لابد وأن تكون المحاصيل المراد تحسينها تتكاثر جنسياً حتى يمكن عمل التهجينات بينها. وبالتالي جاءت الهندسة الوراثية بأمل ألا وهو إمكانية تحسين الصفات الوراثية في مدة قصيرة وتكاليف أقل من خلال نقل الجينات المرغوبة حاولة إيجاد تركيبات وراثية Genotypes جديدة تحمل في خلاياها أفضل العوامل الوراثية التي تتحكم في إنتاجها ومقاومتها للظروف البيئية المعاكسة المحيطة بها وايضا هو التغلب على تلك الموانع التهجينيةGenetic Barriers بين الأنواع والأجناس النباتية وبعضها والتي تحد من وجود الاختلافات الوراثية. وقد أمكن في الوقت الحاضر نقل جينات ليس فقط من نوع نباتي أو جنس نباتي إلى آخر بل تعدى ذلك بإمكانية نقل جينات من كائنات دقيقة إلى النباتات الراقية أو الحيوانات, ايضا عن طريق الهندسة الوراثية نستطيع مقاومة للأمراض الفيروسية التي يصعب السيطرة عليها بطريقة أخرى.
أبرز التطبيقات
وقد تضمنت استخدامات الهندسة الوراثية مجالات عديدة شملت إنتاج الأدوية والأمصال وتشخيص وعلاج الأمراض الوراثية البشرية وتقليل تلوث البيئة وزيادة الإنتاج النباتي والحيواني:
- إنتاج نباتات قطن مقاومة لدودة ورق القطن
- إنتاج نباتات طماطم مقاومة للأمراض الفيروسية
- نقل صفة المقاومة لمبيدات الحشائش Herbicides:
- نقل جينات تثبيت النيتروجين الجوي والمعروفة باسم جينات الـ nif إلى النباتات النجيلية مثل القمح والشعير والذرة بحيث يجعلها قادرة على تكوين عقد بكتيرية وتحصل على احتياجاتها من النيتروجين من الجو بدلاً من الاعتماد على الأسمدة النيتروجينية مما يقلل من تكلفة الإنتاج.
- تحسين الجودة الغذائية بتناول الجينات التي تشفر للعناصر أو الأحماض الأمينية المهمة للمحاصيل التي تنقصها مثل هذه المركبات بغرض تحسين وزيادة كفاءتها وخواصها الغذائية للإنسان والحيوان أيضاً
- سلالات من الخميرة وميكروبات التخمر المعاد صياغتها (المحورة وراثياً) التي يكون باستطاعتها إنتاج كميات هائلة من الكحولات والمركبات العضوية بطرق غير تقليدية وبأسعار رخيصة.
- إنتاج أصناف نباتية مقاومة للأمراض الفطرية والفيروسية والبكتيرية: بعمل استنساخ Cloning للجينات النباتية المسؤولة عن المقاومة للأمراض المختلفة المتاحة في الأصول الوراثية،
- إنتاج هرمون النمو الذي يعمل على زيادة إنتاج الحليب في الأبقار. زيادة المحصول الزراعيّ من خلال حقن المزروعات بمكمّلات غذائيّة معدّلة وراثيًّا.
- إنتاج محاصيل زراعيّة قادرة على التكيّف مع الظروف المناخيّة الصعبة مثل الجفاف، والبرودة، والملوحة، فيما يعرف بالإجهاد غير الحيويّ.