الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم مرًحل حياة الإنسان لأربعة مراحل كما ذكرها جلا وعلا قال{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}] سورة غافر آية (67)[.المرحلة الأولى: هي خلق الإنسان في رحم أمه، بدأ خٌلقه من مادة التراب، ثم خلقه من نطفة ثم من علقة، كما في سورة غافر (آية 67 ) أعلاه وبين ذلك الله عز وجل في سورة الحج (آية 5)، ذكر عز وجل أن العلقة تكون مضغة مخلقة وغير مخلقة قال تعالى{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}]سورة الحج آية5 [، هذه المرحلة علمها عند الله سبحانه وتعالى حيث يقر في الأرحام ما يشاء من الخلق ويسقط ما يشاء، وهي تشبه عملية اهتزاز الأرض أذا نزلت عليها الماء من السماء ربت وأنبتت من كل زوج بهيج. المرحلة الثانية: هي مرحلة الطفولة اهتم بها القراءان العظيم حيث امر بتعليم الأطفال (الاستئذان)، وهذا ما وضحه الله سبحانه وتعالى حين طلب من الذين (آمنوا ) ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم (هم الأطفال)منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر ، وهو وقت ابدال ثياب النوم بثياب اليقظة والوقت الثاني حين تضعون ثيابكم من الظهيرة أي بعد صلاة الظهر وهو وقت خلع الثياب للقيلولة والوقت الثالث هو من بعد صلاة العشاء أي بعد أداء صلاة العشاء وهو وقت خلع ثياب اليقظة ولبس ثياب النوم، هذه الأوقات سمها القراءان العظيم أوقات العورات وهي ثلاث وهي لكم أيها المؤمنون وباقي اليوم هؤلاء الأطفال طوافون عليكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهم، والمخاطب هنا( المؤمنون) لأنهم هم المعنيون بالتربية سواء الاب والام أو ولي الامر في تكوين سجية الطفل وعاداته وسلوكه المستقبلي على احترام الأخرين وخاصة الوالدين واحترام خصوصيتهم وعدم رؤية عورتهم، وقيمة (الاستئذان) يعلم الاطفال مكارم الأخلاق، والأخلاق عرفها أبو البقاء الكوفي فقال: الخلق – بضم الخاء وإلام – : السجية والطبع والمروءة والدين، والجمع أخلاق، والسلوك هو أسلوب الأعمال ونهجها وعادتها وأيضا يتعلم (الصبر) حيث ينتظر حتى يؤذن له والده أو والدته في الدخول، هذه قيمة كبيرة، وهذه الاوقات بينها الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(58)وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } ]سورة النور آية (59)[ وهي مرحلة مهمة جدا من حياة الإنسان لتعلم مكارم الأخلاق وغرسها في نفس الطفل، كما قيل (التعلم في الصغر كالنقش على الحجر والتعلم في الكبر كالنقش على البحر)المرحلة الثالثة: هي مرحلة القوة: وهي تبدأ من بلوغ الطفل الحلم إلى أن يصل إلى مرحلة الشيخوخة، وهذه المرحلة يصبح الطفل الذي بلغ الحلم ووعي مكارم الأخلاق(بتطبيق الاستئذان في طفولته) مسؤول عن تصرفاته أمام الله سبحانه وتعالى لأنه أصبح (مكلف) مثله مثل(المؤمنون)البالغين من ضمنهم والديه، وهي مرحلة تكوين العقل السليم وأعمال الفكر وهي مرحلة إيتاء الحكمة والعلم من الله، قال سبحانه وتعالى في سورة يوسف{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} سورة يوسف آية(22)}.وهذه المرحلة قٌسمت من قبل الذين يدعون التربية إلى(مراهقة وشباب) وعندهم مرحلة المراهقة هي امتداد لمرحلة الطفولة يعني (لسه) الذي بلغ الحلم مازال طفلا غير محاسب على تصرفاته (مراهق طايش)، إلى أن يبلغ الـ25)) سنة و(30) سنة، حتى يصبح (شاب).هذا التقسيم يهدر فترة الحكمة والعلم(وهي موهبة من الله سبحانه وتعالى) بعدم اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي أداء العبادات التي تعتبر الأداة العلمية لتكوين سلوك الخلق القويم في الإنسان: وهي الأركان الخمس للدين الإسلامي(شهادة أن لا إله آلا الله وأن محمد رسول الله أقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا).هذه الفترة يكتشف فيها الإنسان قدراته وتظهر موهبته وميوله العلمية والأخلاقية هنا يجب على اولياء الأمور والدولة الاهتمام بهذه المرحلة ايما اهتمام، حتى يتم تقويم الموهبة والميول ووضع الخطط لتنميتهما بطريقة تؤهل الإنسان للقيام بما خلق له (لأن الله ينظر ما تعملون)، والمواهب كثيرة والميول مثل الرسم وتصليح السيارات والآلات والرياضة بأنواعها، لأنه لا يمكن أن يكون كل الناس على وتيرة واحدة في سعيهم في الأرض، نلاحظ في هذه المرحلة يعاني البنين والبنات اشد المعانة من اصرار أولياء أمورهم في أن يصبح الولد أو تصبح البنت طبيب أو طبيبة أو مهندس أو مهندسة مما يؤدي لخلق جيل يهتم بالمادة أكثر من عبادة الله سبحانه وتعالى، ونتيجة لإهمال هذه المرحلة من قبل أولياء الأمور والدولة بهذه المرحلة ظهرت مصطلحات (الفاقد التربوي) و(الفاشل التربوي) و(الناقص التربوي)و(سواقط التعليم)أو(الفاقد التعليمي) و(ملافيظ التعليم)، متناسين أن كل (ميسر لما خلق له). لو وضعت الخطط لهذه المرحلة ووفرت المعينات اللازمة لكان علماء الأمة لا يعدون ولا يحصون ولارتقت أمة النبي الكريم مثلما أرد الله لها(أنتم خير امة اخرجت للناس). المرحلة الرابعة : مرحلة الشيخوخة أو مرحلة الضعف الثانية: هذه المرحلة قد يصلها الإنسان مبكرا نتيجة المرض أو لا يصلها إلا بعد عمر طويل 70 أو 80 أو 100 سنة ولخص الله سبحانه وتعالى مراحل حياة الإنسان في سورة الروم الآية (54) قال تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ(54)سورة الروم حيث مرحلة الجنين والطفولة هي مرحلة الضعف الأولى ثم مرحلة القوة ثم مرحلة الضعف الثانية، وقد تمتد بالإنسان المرحلة الثالثة إلى الـ70 أو الـ90.
أ.د. هدى دياب
أستاذ المحاسبة في جامعه ام درمان