بقلم د. أروى الكعلي جامعة منّوبة، تونس
تعرّف الأزمة على أنّها “لحظة تتعرّض فيها مؤسسة ما للخطر نتيجة لبعض المشكلات التي مع تراكمها قد تتحوّل إلى أزمة تهدّد سمعتها وبالتّالي فالأزمة هي نوع من التدهور المتزايد الذي يؤثر فعليا في نظام المؤسّسة ككل، ويهدد قواعدها الأساسية. ولابد من صناعة إدارة للأزمات تكون بمثابة تقنية لمواجهة الحالات الطارئة والتخطيط للتعامل مع الحالات التي لا يمكن تجنبها، او إجراء التحضيرات الممكن التنبؤ بها بغرض التحكم في النتائج والأضرار المتتابعة… وهي تقنية علمية تتضمن منهجاً علمياً ومنطقياً يمكن من القدرة على التغلب على الأزمة وضغوطها وسلبياتها والاستفادة من ايجابياتها. وعموما فان إدارة الأزمة تستوجب قدرا من الأساليب والاستراتيجيات المنهجية والإجراءات الاستثنائية لاتخاذ قرارات مناسبة. وتكمن إدارة الأزمات في صميم الاستراتيجيات والسّياسات الإعلاميّة المختلفة حسب مالكها وعناصرها ويمكن أن تتفرع إلى جوانب اجتماعية وأمنيّة وسياسيّة واقتصادية وثقافية. ومن الأسس الإعلامية لإدارة الأزمة التي ذكرتها الحديدي (2018): الاعتراف بالأزمة وتجنّب التّعتيم الإعلامي مهما كانت حدّتها وضرورة التعريف بها والتفاعل معها، إضافة إلى تقدير حجم وقوة وتأثير الإعلام المضاد محليًا أو خارجيًا، وعدم الانفراد بادارتها دون مشاركة جهات الاختصاص المسئولة عنها وتوجيه الرسالة الإعلامية الصحيحة المتصلة بها من المتحدث الرّسمي عنها، وأخيرا رصد الدّروس المستفادة من الأزمة قبل طىّ ملفها . ويضيف كل من الباحثين اللاّمي والعيساوي(2015) أنّه يمكن التغلّب على الأزمات إعلاميا من خلال قول الحقيقة بصراحة وفوراً لتخفيف موجة الذعر منها وعقد المقابلات مسؤولين ومختصّين لتقييمها وإتاحة الفرصة لأصحاب المصالح والضحايا للاتصال قصد التعامل مع أسئلتهم واستفساراتهم بإيجابية لإعادة بناء الثّقة. يندرج الإعلام الصّحي ضمن ما يعرف بالإعلام المتخصّص الذي يعرف على أنه “نمط إعلامي يتم عبر وسائل إعلامية مختلفة ويعطي جلّ اهتمامه لمجال معيّن من مجالات المعرفة ويتوجه إلى جمهور متخصص أو عام معتمدا على المعلومات والحقائق المتخصصة التي يتمّ عرضها بطريقة موضوعية” (توهامي، 2017، ص300)، وبالتّالي فالإعلام الذي يهتمّ بالصحّة هو الإعلام الصحّي. ويمكن تعريفه كذلك على أنه “ذلك النوع من أنواع الإعلام المتخصص الذي يقوم بنقل الأفكار والحقائق عن الأمراض وأسبابها وتطورها ومدى انتشارها وكيفية تشخيصها والوقاية منها وسبل علاجها.
الصحفي المختص أو الصّحفي الخبير هو الصحفي الذي يتخصص في مجال معين، ويمكن أن يعمل ضمن وسيلة إعلامية مختصة في الاقتصاد أو الرياضة أو الثقافة… أو أن يكون متخصصا في مجال معين ضمن وسيلة إعلامية جامعة. ويكتسب الخبرة في هذا المجال انطلاقا من الاشتغال عليه بشكل متواصل، ومحاورة الخبراء والباحثين فيه. ووجود صحافة متخصصة من شأنه إنتاج صحفيين مختصّين. وفي سياق جائحة كورونا، تفيد دراسات حول العالم كتلك التي أجراها سو وآخرون Su et al (2015) أنّ الجمهور يتّجه أكثر إلى التعويل على وسائل الإعلام للحصول على المعلومات العلمية المرتبطة بكوفيد-19، كما بيّنت أزمة كورونا “جسامة ثقل المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق الصحفي الخبير الذي تحتاجه مهنة الصحافة”. وهذا ما يستوجب وجود صحفيين متخصصين في الصحافة العلمية، حتى يلعبوا دور الوسيط من جهة بين العلماء والمختصين في المجال الصّحي والجمهور، ومن جهة أخرى ليعملوا على تبسيط المعلومات والمعطيات العلمية الصحية لجمهور غير متخصص. ومن صفات الصحفي الخبير كما يحدّدها شايفر Schäfer (2011) أن يكون مطلعا على الأبحاث التي أجريت في المجال الذي يتخصص فيه وماسكا بمجال الاختصاص حتى يقدم المعلومات التي تهم المواطن بأسلوب يستطيع أن يفهمه . واذا كانت إدارة الأزمة كما عرّفها العالم فنك fink هي طريقة السّيطرة على الأزمة والقدرة على إزالة مخاطرها ، فانّ ذلك يكمن في صميم الاستراتيجيات الإعلامية وأدوار الإعلام تجاه المجتمع إخبارا وتفسيرا وتحليلا وتثقيفا.
2 Responses
xn6uch
xn6uch