المنظمة العربية المتحدة للبحث العلمى

uaosr_img

واقع التعليم العربي لا يتناسب وتاريخ الأمة

بقلم د. جميلة المصلي

 

شرفت بالمشاركة في المنتدى الفكري للمنظمة العربية المتحدة للبحث العلمي الذي أقيم على المنصة الافتراضية  قبل أيام بالتعاون مع مركز لندن للبحوث توطئة لإقامة المؤتمر العلمي الدولي الأول للمنظمة والرابع عشر لمركز لندن يومي 2 و 3 ديسمبر من العام الجاري 2024 بعنوان ” البحث العلمي وخدمة القضايا السياسية العربية دراسات استشرافية معاصرة في ظل تنامي الازمات ، ووقفت في المنتدى الفكري الذي شهد حضورًا أكاديمياً واسعاً من مختلف المشارب العربية ، وقفت على العديد من المعاني التي أرجو أن تفيد صناع القرار التعليمي العربي وقد جاءت على النحو التالي : –

 

  • التأكيد على علاقة المعرفة ببناء الإنسان في مختلف الأبعاد، ومن ثم أهمية وضع التعليم والبحث العلمي على رأس الأولويات لبناء رأسمال  بشري ينقلنا إلى اقتصاد المعرفة .
  • أهمية البحث العلمي في النهوض بالمجتمعات وتطويرها ،فإنتاج المعرفة وتطويرها هو المحرك الرئيسي للتنمية وهو من الأدوات الأساسية لتنمية المجتمعات والشعوب والرقي بها.
  • نحن أمة اقرأ والواقع لايتناسب مع تاريخها في مجال العلم ،فالفكر العربي والإسلامي قدم أهم مصادر المعرفة للإنسانية في وقت كانت أوروبا غارقة في ظلام الجهل.
  • الملاحظ هو أن الدول العربية تتسم  بضعف في إنتاج المعرفة التي تلبي احتياجاتها التنموية الملحة ،رغم توفر بعضها على ثروات كبيرة ،وهنا ينبغي التمييز بين استهلاك التكنولوجيا وإنتاجها .

 

إن من أهم الاشكاليات في مجال البحث العلمي ضعف التمويل ومحدودية الإنفاق الموجه للنهوض بالبحث العلمي فمن أهم الإشكاليات التي تواجه البحث العلمي في الوطن العربي إشكالية ضعف التمويل ونسب الإنفاق الموجهة إلى هذا القطاع الحيوي،  فنسب الإنفاق تظل ضعيفة جدا مقارنة مع ما عليه الأمر في الدول المتقدمة ، وتؤكد كثير من التقارير المتخصصة التي تعتبر أن مستوى  إنفاق الدول على  البحث العلمي هو أحد مؤشرات الاهتمام الجدي  للنهوض بهذا المجال الاستراتيجي،  وذلك عبر النسب المخصصة في الموازنات المالية للدولة ،  ومن خلال الميزانيات الموجهة للبحث العلمي سواء في القطاع العام أو الخاص، ونسبته من الناتج المحلي الاجمالي   .
وتؤكد تقارير اليونسكو أن مستوى الإنفاق في الوطن العربي ضعيف جدا وهو أقل من 1% ،حتى في  الدول الغنية بثرواتها ،ويعتبر 1% أقل نسبة ممكنة ، وهذا  معيار ومؤشر عالمي، وهي أقل نسبة يمكن  اعتمادها  ،ودونها يعتبر إنفاق غير منتج. ويعتبر هذا الضعف في الإنفاق على البحث العلمي في الوطن العربي من بين الأسباب التي تفسر الوضعية الحالية ، فبعض التقارير تؤكد أن الدول العربية مجتمعة لا يتجاوز مجموع إنفاقها 5 ،1% من الناتج المحلي الإجمالي


إن إشكالية البحث العلمي ترتبط كذلك بمستوى الوعي بأهمية البحث العلمي لأن هذا الوعي يصنعه  الإدراك أن البحث العلمي هو المدخل لتحقيق القيمة المضافة، فالقيمة المضافة تصنع، ولا يمكن تحقيقها إلا بالبحث العلمي في كافه المجالات وهنا أريد أن أؤكد أهمية تحقيق  الأمن الروحي والأمن  الغذائي والأمن القومي و الأمن الاجتماعي والأمن الصحي و الأمن السياسي ، عبر الإنتاج العلمي  المؤسساتي.


إن تحقيق  الأمن الاستراتيجي للأمة ، مرتبط بمدى الاستثمار في البحث العلمي وتشجيع الباحثين . وهناك مستوى آخر مهم جدا وهو موضوع ارتباط البحث العلمي بالاحتياجات الحقيقية للمجتمعات، وهنا اشير إلى السياسات الاجتماعية فموضوع مثلا كموضوع الاستقرار الأسرى الذي يعتبر المدخل الرئيسي للاستقرار الاجتماعي، والذي يحقق الاستثمار فيه على المدى البعيد  رفاهية المجتمعات وطمأنينتها ،هذا المدخل  يقوم على وجود بحث علمي في مستوى مواكبة التحولات التي تعرفها المجتمعات   وذلك باعتماد آلية  الرصد والاستشراف  عبر بحث علمي رصين ، يحدد الأولويات في المجال التشريعي والسياسات العامة، كما أنه من الضروري العلم على اعتماد مبادئ الحكامة الجيدة ،وإرساء منظومة حكامة تستدعي الممارسات الفضلى ومأسسة مشاريع الإصلاح في منظومة التربية والتكوين بشكل عام وفي مجال البحث العلمي بشكل خاص. مع  بناء وعي جماعي وبيئة داعمة للبحث  العلمي وتشجيع الباحثين ،  لتجاوز معضلة هجرة الأدمغة التي تجعل الكثير من الدول العربية تعرف هدرا كبيرا  في طاقاتها وكوادرها وهي إشكالية كبرى حلها  جزء منه يقع على عاتق توفير البيئة الداعمة للبحث العلمي على مستوى الوطن العربي سواء في مجال التشريعات والقوانين والسياسات والآليات ، أو في المجال المؤسساتي لضمان  التحفيز و التشجيع للباحثين ، مع تثمين  مخرجات أعمالهم ، و مد الجسور والتنسيق بين واضعي السياسات  والاستراتيجيات ومراكز البحث العلمي والجامعات ومأسسة هذا التنسيق لضمان الاستدامة والفعالية ، وأخيرًا لن تتحقق تلك الطموحات من دون توافر   إرادة سياسية قوية لدى صناع القرار  في مجال النهوض بمنظومة البحث العلمي وبالتالي تعليم عربي متميز .

 

 

 

شارك المقالة

شارك الخبر

One Response

  1. السلام عليكم
    الأستاذة جميلة المصلي
    لقد اصبتي كبد الحقيقة خاصة فيما يخص البحث العلمي في الوطن العربي نحن أمة تدخر ولاتنفق بالرغم ان ديننا الحنيف يحث على الإنفاق
    أؤيدك فيَما كل ما ذهبتي إليه واتمنى ان يخرج المؤتمر بتوصيات يسهل تنفيذها عاجلا
    د. هدى دياب
    السودان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *