المنظمة العربية المتحدة للبحث العلمى

uaosr_img

وداع 2024 بين دم وماء

uaosr_img

د. محمد عبد العزيز –
مستشار إعلامي دولي

 

هل للقيم والأخلاق  دينُ ؟  الإجابة نهاية المقال …

في وداع العالم لعام 2024 ثمة تباين عجيب بين حالة العواصم الغربية والعربية ، فكثير من الأولى تنتفض شوارعها ممتلئة بأناس ليسوا مسلمين ولا عرب يعترضون على حكوماتهم مطالبين بردة فعل قوية حاسمة تؤول إلى وقف الإجرام والصلف الصهيوني الذي يُمارس ضد الشعب العربي المسلم الأعزل ، ترفض مجازر ليس لها مثيل في التاريخ الحديث أودت بحياة قرابة 50 ألف فلسطيني – في عداد الشهداء – معظمهم من النساء والأطفال وأصابت قرابة 110 ألف آخرين فضلاً عن هدم البًنى التحتية ومقومات الحياة في غزة العزة . بينما عواصم عربية تتأهب لاحتفالات رأس السنة واستضافة جحافل المطربين لإحياء ليالي الأنس غير مكترثين بأبناء عمومتهم الذين يسكنون الخيام فتسقطها الرياح فيموت أطفالهم إن لم يكن جوعًا فبرداً أو قهرًأ أو قصفًا ، قتل وتشريد في فلسطين و السودان ولبنان واليمن. لم يعد بعروقنا دماء إذ نحتفي ونغني ونهنئ بعضنا بعضا بعام جديد وبضع منا يتألم بل يموت كمدًا ، إن أدنى درجات التضامن أن ندعو موقنون بالإجابة أن ينصر الله أصحاب الحق والأرض ويخزي الغاصبين المتجبرين عليهم ومن ساندهم ، وأن تحترم الدول مشاعرهم وتوقف كل الوان الاحتفالات الصاخبة التي تصاحب دوما أعياد رأس السنة ، ألا من حياء من تضامن العواصم الغربية مع قضيتهم العادلة بينما نحن نتراقص مع المطربين ، ألسنا نحن الأولى باحترام مشاعر إخواننا من غيرنا ، أليس المسلم للمسلم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ؟ ألم يقل نبينا الكريم ذلك ؟ عندما بات الدم ماء استهان بنا الأعداء وهٌدم سور الولاء وتباعدت الأكف التي تصافحت عن بعضها ، ضاعت معاني الدين الواحد وحرف الضاد لم يعد يجمعنا عندما بات الدم ماء.
دعوة لعودة بعض الدماء بمقاطعة الحفلات والمهرجانات احترامًا لمن يموت على مقربة منا كل دقيقة ، لنكن آدميون ، فلا ينتصر لغزة سوى كل شريف ولا يهملها سوى كل مريض . لقد رُبينا في الزمن الماضي على احترام الجار وحرمة الموت فلا اقامة لأي من مظاهر الفرح بينما جاري لديه حالة وفاة مثلاً ، فلا يرتفع صوت المذياع أو التلفزيون في بيتي طالما جاري يشعر بحزن ، هكذا خُلق اسمه – جبر الخواطر – واحترام الجار ، وكان هذا سلوكاً تقليدياً طبيعياً من الجار لجاره ومن يشذ عن ذلك يشار إليه بعدم الأدب ، البعض يزعم أن القاعدة الآن هي الشذوذ ونادراً ما تجد من يحترم جاره ويجبر خاطره ، لكن لا يصح إلا الصحيح فجابر الخواطر لأهله وجيرانه رابح لا محاله موسوم بالأدب ودماثة الخلق يرضى عنه الله فيرضى عنه الناس ، بينما من لا يكترث بمشاعر الناس – عديم الأدب – وإن رأى غير ذلك فهو أعمى البصر والبصيرة ، الأطفال في غزة يشردون ويموتون برداً والدول المجاورة تتأهب لإقامة حفلات رأس السنة الصاخبة وتكريم المطربين والممثلين وذلك على رؤوس الأشهاد ، ما أسوأ خاتمة عامكم يامن تدعون التحضر والمدنية بينما في الحقيقة أنتم لا تشعرون ، إن تضامن كثير من الدول الغربية مع غزة وتركهم الاحتفالات في رأس السنة يؤكد ما لا يدع مجالًا لشك أن الأخلاق والقيم لا دين لها .

شارك المقالة

شارك الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *