المنظمة العربية المتحدة للبحث العلمى

uaosr_img

تأثيرا ت “التريند” في الإعلام والمنصات الاجتماعية

بقلم أ.د عبد الكريم الوزان

” التريند ” مصطلح يتردد كثيرا في وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي وبخاصة ” Twitter، Instagram، Facebook ” . فهل تعني الشهرة أم الانتشار السريع أم الحدث البارز أم ” الموضة “؟!.وماهي تأثيراته؟. بادىء ذي بدء فإن ” تريند ” مفردة انجليزية (Trend). ويشير هذا المصطلح كما أورده حسن مدن في مقاله ” قصية الساعة أم التريند”؟، إلى ” الاتجاه العام الذي تتبعه المواضيع على مر الزمان، ويمكن تعريفه على أنه انتشار خبر أو حدث بشكل كبير في فترة زمنية محددة، ويشمل “التريند” موضوعات متنوعة مثل الأحداث العالمية الهامة والأخبار الساخنة وأيضًا قد يكون متعلقًا بالملابس أو السيارات أو التكنولوجيا أو السياسة أو أي مجال من مجالات الحياة الآخرى. وفي اللهجات العربية الدارجة يتم تعريف ” التريند” على أنه الموضوع أو الحدث الذي يحظى باهتمام الناس خلال فترة زمنية معينة، وببساطة يمكن تعريفه بالعامية بأنه المرادف لكلمة موضة”. وظهور أو تكوين ” التريند ” هو حصيلة حاصل لعوامل مختلفة . ” فالبروفسور جوناه بيرغر، أستاذ استراتيجيات التسويق في جامعة بنسلفانيا، كتب في كتابه «Contagious: Why Things Catch On» أن «انتقال الأفكار أو السلوكيات في المجتمع يحدده عدة عوامل: أهمها، السلوك الشفهي للأفراد، والتوصيات المباشرة التي ربما تكون تضاعفت فرصتها بسبب منصات التواصل الاجتماعي، ومن ثم أسهمت في ظهور مفهوم التريند”. ويتفاوت معنى “التريند ” قليلا من منصة الى أخرى حسب المضمون والاستخدام وحسب تفاعلات الجمهور ورجع الصدى، وبناء على طبيعة الحدث ، ويشمل مختلف المواضيع الاجتماعية أو الثقافية أو الرياضية أو السياسية . كذلك فإن” التريند ” يعول على نسب الاعادة والتكرار للمشاهدات كما في اليوتيوب والتيك توك ، بواسطة وسائل الاعلام المختلفة والخوارزميات. ويساعد ( الهاشتاغ ) على ابراز ” التريند” في انتشار المحتوى وظهوره لعدد كبير من المشتركين. ويمكن القول أن هناك ” تريند ” محلي و” تريند ” عالمي ، حيث تفرض شعبية و”كاريزما” الشخص و نوع الحدث وأهميته ونوع المنصة المستخدمة والخبرة ومدة التداول دورا كبيرا في تحديد سعة انتشاره ومداه. وقد كان لهيمنة الانترنت وسهولة استخدامه الدور الكبير جدا في عمله وبروزه.علما بأن “التريند ” ليس له صفة الدوام فتراه يظهر فجاة او يختفي الا في حالات نادرة حينما يكون قادرا على الحفاظ على ديمومته وبريقه. والرأي العام يتأثر ” بالتريند ” ايجابا وسلبا . فليس على الدوام يكون التعرض ايجابيا. فهوكالاعلام سيف ذو حدين. وأحيانا تجد انه يؤثر على العادات والتقاليد والثوابت وعلى الجانب النفسي ، وحتى على الأمن القومي، والتمرد على ماهو سائد ومقبول في المجتمع وميله للتفسير الخاطىء لمفهوم الحرية، بحكم الأخبار الزائفة والمضللة والمبالغ فيها، لأجل الشهرة أو المال أو حتى لمجرد الشعور بالنقص، فيجنح بالأفراد وفي مقدمتهم الشباب من عالم الثقافة الى عالم التفاهة والتهريج. وقد يجعل بعضهم يسير وفق نظام القطيع ، فيسلب ارادتهم الفكرية وقدرتهم على اتخاذ القرار الصائب. فله تأثير على الميول والاتجاهات والوعي وتشكيل الرأي العام . أما من ايجابياته فهي زيادة التفاعل الاجتماعي وتوسيع المدارك ويزيد من التساؤلات المنطقية ويعزز من القناعات بين الأفراد والجماعات. كما انه يعمل على تحفيز المستهلك على اقتناء الحاجيات وتبني سلوكيات مقبولة تتناسب مع نمط الحياة الجديدة. وأجد من الضروري إعادة النظر بالمناهج التعليمية وتدريس مادة الاعلام في المدارس الثانوية ومراقبة وسائل الاعلام الخاصة والعامة على السواء، والتأكيد على تهذيب خطاباتها الاعلامية، بحيث تكون هادفة وتربوية. وكل هذا لايغني عن دور الأسرة في العناية بأفرادها من كل النواحي. كذلك يجب وضع دراسات حديثة معمقة لإخضاعه للمراقبة والتحكم به في ضوء التطور التكنولوجي الهائل وبخاصة في وسائل الاعلام والاتصال. هذا ويمكن تصنيف الـتـرينـدات حسب موقع ” TNFX” ، الى ” تـرينـد طـويـل الأمـد او الرئيسي: تكون مدته من ٦ أشهر الى ٢.٥ سنة . و” تـرينـد” مـتـوسـط الأمـد او الثانوي: تكون مدته من أسبوع الى شهرين، وأخيرا ” تـرينـد ” قـصـيـر الأمـد: تكون مدته أقل من أسبوع،. في حين هناك ثلاثة انواع منه كما هو متعارف عليه في الأسواق المالية: ” التريند ” الصاعد “الموجب”، والهابط “السالب”، والجانبي “الأفقي، المسطح”.
كما يعتبر” التريند “، ” أحد أساسيات التحليل الفني لمعرفة حركة السعر”، ويؤثر من خلال تفاعله مع السوق وعمليات التسويق (Market Trend). فيكون بمقدوره على سبيل المثال رفع الأسعار او خفضها حسب العرض والطلب وحسب المعلومات المتاحة لديه ومدى معرفته بحركة السوق والبورصة والشركات عموما. ولابد من الاهتمام بهذا الجانب الحيوي بغية فائدة الأفراد والجماعات والمجتمع بشكل عام، والحيلولة دون استغلالهم من جهات مناوئة لغرض الاساءة أو تعريض أمن البلاد للخطر.
الذكاء الاصطناعي من جانبه يتمازج مع توجهات ” التريند ” في إظهار ماهو أكثر ابهارا وتعبيرا وسرعة، كما هو الحال في انتاج وتصميم الفيديوهات على ” التيك توك ” وغيره حيث يعتمد نجاح ذلك على عدة عوامل منها الخبرات التقنية والحس الإعلامي والفني والدراية بطبيعة المرسل اليه.
السؤال المطروح حاليا هل يمكن مستقبلا للقوانين والأنظمة والتكنولوجيا المتزايدة من جمع وتنظيم وتحديد كل “التريندات ” والتحكم بها وتوجيهها بسهولة حسب الحاجة والطلب؟.

شارك المقالة

شارك الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *