دفعت الإشكالات المرتبطة بالطلب المتزايد على الطاقة وارتفاع فاتورتها التي تثقل كاهل العديد من الدول، بالإضافة لما يسببه الاعتماد المفرط على الطاقة الأحفورية من الاحتباس الحراري، أو المخاطر المصاحبة لاستعمال الطاقة النووية. العديد من الدول للبحث عن مصادر بديلة تحاول التوفيق بين متطلبات السوق وحماية البيئة.
ولمواكبة هذه التحولات، لابد من توجيه البحث العلمي نحو المجال القانوني، بما يسهم في تطوير منظومة قانونية كفيلة بتحقيق النجاعة الطاقية، وحفز مختلف الفاعلين للانخراط في ورش الانتقال الطاقي عبر تبني سياسات عمومية مندمجة تشكل تلاقيا بين متطلبات السوق الطاقية وضرورة حماية البيئة. فالطاقات المتجددة يمكن أن تشكل صلة وصل بين الاقتصاد، والبيئة، والسوق والنفع العام، من خلال البعد القانوني.
حيث يمكن الاستعانة بمتطلبات السوق للمحافظة على البيئة، وهو ما يستجدي انعطاف السوق نحو تحقيق النفع العام الذي يمكن أن يتجلى عبر بعدين اثنين: تحقيق الأمن الطاقي وتخفيف الآثار المترتبة عن الاستعمال الطاقي، ولا سيما تلك المرتبطة بإشكالية التغير المناخي.
فبعيدا عن الأهداف البيئية التي يمكن أن يحققها اللجوء للطاقات المتجددة، تبرز أيضا أرباح اقتصادية من قبيل: التنمية الاقتصادية، خلق فرص الشغل، التنافسية، تحقيق الأمن الطاقي، وغيرها.
ومن هذا المنطلق، تبرز أهمية التشريعات في توجيه مختلف الفاعلين لتحقيق الالتقائية بين حماية البيئة والنجاعة الطاقية، أخذا بعين الاعتبار قدرتها على ضبط سلوكيات الإنسان عبر أبعادها الثلاث: الوقائي، والردعي والعلاجي. كما أن من شأن التكامل بين الأدوات التشريعية والآليات المالية حفز تطوير الطاقات المتجددة عبر التأثير على العرض والطلب معا. وإن من شأن تطوير البحث العلمي في المجال القانوني فتح آفاق أرحب لوضع خارطة طريق تشكل أجوبة مرحلية ومستقبلية لسياسة انتقال طاقي آمنة وفعالة في أفق تحقيق تنمية مستدامة ببلداننا العربية.
الاستاذ الدكتور نبيل مدني
أستاذ القانون في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين السبع – جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.