بات الإعلام يتبوأ مكانة كبيرة في طليعة العلوم، ويتداخل معها ويضعها في مستوياتها المنشودة . وبفضل التكنولوجيا الحديثة تطورت وسائله وأساليبه، وأصبح يقدم رسائله الاتصالية بأفضل وأسرع الطرق ، فيحصل على رجع صدى مناسب للمضامين المعدة . من هنا تبرز لنا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في الحفاظ على الهوية الإسلامية، وإظهار الواقع والبعد الحضاري للدين، في وقت تحاول فيه “البروباغاندا” الغربية تمزيق وحدته وأصالته وإلباسه ثوب التخلف ، بهدف أضعاف تماسك الأمتين العربية والإسلامية، وتحقيق مآرب استعمارية طامعة . ولذلك لابد من استنفار الطاقات الثقافية والإعلامية، وتوحيد خطاب إعلامي رصين موجه للداخل والخارج ، وتمتين الحصانة الفكرية ، بخاصة لدى الشباب ، وإعادة النظر بالمناهج التعليمية ، وتكثيف الرقابة الإلكترونية ، في ظل عالم اتصالي مفتوح ، وتحسين الأوضاع الاقتصادية ورعاية الأسر. كما يتحتم تفعيل ونقل صورة المكانة الحقيقية للإسلام لكل بقاع العالم ، ومخاطبة الرأي العام الدولي انطلاقاً من الرأي العام المحلي والعربي والإسلامي، دفاعا عن جوهر الدين ، وسعيا لامتداد اشعاعه الحضاري والإنساني . وهذا كله يتطلب تحقيق عدة عوامل لها صلة بالجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية . كما يوجب تحقيق مقومات الإعلام من رأس مال وخبرات وتعاون عربي وإسلامي إعلامي، مع ضرورة توافر عناصر التربية الإعلامية من مصداقية وحيادية ونزاهة وسلامة اللغة والمعرفة. ويمثل الإعلام الإسلامي أهمية كبيرة جدا في الحفاظ على التراث والحضارة الإسلامية ، لمواجهة خطر التيارات الفكرية الوافدة التي تستهدف عقول أبناء الأمة الإسلامية من خلال الوعي والسلامة الفكرية ، وتسخير كل الوسائل والطاقات والإمكانيات الى جانب وسائل الإعلام ، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي ، من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية ، ودعم النهضة الحضارية ، وتدريس مادة الإعلام في المدارس الثانوية ، والتبعيث ، والمؤتمرات . كذلك إيجاد بدائل إعلامية إسلامية لمواجهة الغزو الفكري والثقافي والحضاري ، بواسطة محتوى إعلامي بليغ ورصين ، وقائم بالاتصال تتوفر فيه القدرة والخبرة والإيمان ، وفهمه للجمهور المستهدف ، وحماية القيم والتراث والعادات والتقاليد الحميدة المنبثقة من أصل الدين وإظهارها للمجتمعات الداخلية والخارجية . ومن الجدير بذكره ضرورة الاهتمام بالسياحة الدينية ، باعتبارها جزءاً هاما من صناعة السياحة العالمية ، حيث تعد بحد ذاتها إعلاما آخر، كونها تلعب دورا هاما في تعزيز التفاهم والتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة. فهي تعمل على توحيد المسلمين من مختلف أنحاء العالم في الوجهة الدينية نفسها ، مما يعزز روح التسامح والاحترام المتبادل. ومن المهم تنسيق الجهود الإعلامية الإسلامية بين الدول العربية والإسلامية على الصعيد الداخلي والخارجي، وتوحيد لغة الهدف والآلية نحو العالم الخارجي . كذلك لابد من العمل على تطوير البحوث العلمية الإعلامية ، وكل ما له علاقة بالحضارة الإسلامية وترسيخ هويتها ، ودعم الباحثين في كل الاتجاهات والصعد. وعلينا أن لاننسى تنظيم عمل الرقابة الإلكترونية ، وإعادة النظر بالقوانين الوضعية ذات العلاقة بالمطبوعات والنشر، وإيلاء أهمية وجدية في المتابعة والتنفيذ لهما.